7 Oct 2005
كتب الأخ العزيز سردال في مدونته يسأل:
تصور أنك حصلت على كل الدعم المادي الذي تحتاجه لإنشاء “موقع الأحلام” فكيف سيكون شكل هذا الموقع؟ ما هو تخصصه؟ صف لنا نظام الموقع ومحتوياته وفوائده، وحاول أن تكون مبدعاً
بالنسبة لي، فقد كانت لدي الكثير من الأحلام خلال السنوات الماضية، لكن الموقع الذي أحلم بتأسيسه الآن هو موقع يقوم بتسهيل التجارة الالكترونية.
الفكرة الأساسية هي أن تقوم بتوفير التقنيات اللازمة في موقع ما لتسهيل التجارة الالكترونية على الانترنت، وبعد ذلك تأخذ عمولة صغيرة على الأموال التي تمر عبر خدماتك.
الفكرة فعالة جدا والكل يربح منها، البائع يربح لأنه حصل على طريقة لبيع بضاعته أو خدماته وبتكاليف صغيرة جدا، والمشتري يربح لأنه حصل على ما يريده بأفضل صفقة وبسهولة شديدة، وأنت تربح لأنك سهلت العملية وحصلت على نسبة صغيرة من العملية.
مثل هذه المشاريع حققت أرباحا هائلة لبعض الشركات مثل eBay وYahoo وحتى Amazon التي تعتبر المعيار في مواقع التجارة الالكترونية، بدأت تتجه الآن نحو خدمات تسهيل بيع البضائع على الأفراد والمتاجر الأخرى بدلا من بيع بضائعها هي.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا لم نر مشروعا ناجحا مثل هذه المشاريع موجها للعرب؟ كنت أعتقد دائما بأنها اغفال من الشركات العربية الكبيرة، وأنها تخسر الكثير من الأموال بسبب عدم دخولها إلى مجال الانترنت المربح.
لكن قناعتي تغيرت تماما منذ فترة، فهذا ليس اغفالا من الشركات الكبرى، انه اغفال منا نحن! نحن نمتلك الخبرة التقنية، وأنا أعتقد بأن اثنان أو ثلاثة ممن يمتلكون الخبرة التقنية، بامكانهم أن يجتمعوا اليوم ويطلقوا نسخة تجريبية من الموقع خلال ثلاثة أشهر، وكل ما يحتاجون إليه هو الحماسة والنشاط وروح المغامرة، وبعض الحلول المبتكرة للمشاكل الصغيرة التي تواجه التجارة الالكترونية في الوطن العربي، وأعتقد بأنهم سيتمكنون من تحقيق الكثير من العوائد المادية، وبتكلفة تكاد لا تذكر.
لماذا هذا المشروع بالذات؟
من خلال تعليقات القراء على موضوع الأخ سردال، أعتقد بأن غالبية الذين علقوا على الموضوع كانوا يتحدثون عن المشاريع غير الربحية، فما الذي دفعني للتحدث عن مشروع تجاري ربحي، وهل تعتبر هذه الفكرة خروجا عن سياق الموضوع؟
أنا أعتقد بأن المشكلة التي تعاني منها كل المواقع العربية، من صغيرها إلى كبيرها، سببها هو ضعف التجارة الالكترونية العربية.
إن نجاح كل هذه المشاريع، يعتمد على وجود نموذج اقتصادي سليم، ولا يقتصر ذلك على المواقع الربحية، بل يتعداها إلى المواقع غير الربحية، فهذه المواقع تستطيع أن تبدأ بمبالغ مالية صغيرة يدفعها صاحب الموقع من أمواله الخاصة، لكن ماذا عن التطور؟ ماذا عن المستقبل؟ إن الموقع الذي يكلف مبلغا زهيدا لكنه لا يستطيع أن يعيل نفسه حتى بتوفير هذا المبلغ الزهيد يواجه مستقبلا مظلما بالتأكيد.
والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هو ادخال الأموال التي تتحرك في المجتمع إلى الانترنت، وهذا هو ما أهدف إليه بالمشروع الذي تحدثت عنه في البداية، أن نزيل العقبات والتعقيدات المتعلقة بالتجارة الالكترونية حتى يتمكن كل من يشاء بالدخول في هذا المجال.
وعندما تصبح مواقع الانترنت مصدر ربح مادي للشركات، فإنها ستكون مستعدة لدفع جزء من هذه الأموال ليتم ادراجها في دليل عربي ممتاز، وبالتالي تتمكن الأدلة العربية من أن تأسس نفسها على نماذج اقتصادية سليمة.
وستكون الشركات مستعدة لدفع الأموال على اعلانات نتائج البحث، وبهذه الطريقة نتمكن من تأسيس محركات بحث عربية قائمة على نماذج اقتصادية سليمة.
وستكون مستعدة لدفع الأموال للاعلان في مواقع المحتويات المتميزة، فتتمكن هذه المواقع من اعالة نفسها.
ليس ذلك فقط، بل إن هذه الشركات التي دخلت مجال التجارة الالكترونية ستبدأ بالبحث عن خدمات انترنت ممتازة لمواقعها، وعندها ستظهر شركات الاستضافة العربية الممتازة، وسيؤدي التنافس بين هذه الشركات إلى صقل خدماتها، لنحصل على خدمات أفضل بأسعار أفضل.
الانترنت موجودة منذ الستينات، لكن التطور الذي للإنترنت خلال أكثر من خمس وعشرين سنة بيد عباقرة وعلماء العالم لا يعدل ربع التطور الذي حدث لها خلال أقل من خمسة سنوات، منذ منتصف التسعينات إلى مطلع القرن الجديد، عندما بدأت الشركات بدخول الانترنت، وبدأت عجلة الاقتصاد الالكتروني بالدوران.
هذا هو ما نحتاج إليه في عالمنا العربي: التجارة الالكترونية.